الفاعل "الخفي" في الاختراق الإلكتروني لمطار بيروت

هجوم سيبراني تسبب في تعطل أجهزة المراقبة وظهور رسائل تحذير إلى "حزب الله" على الشاشات ومؤشرات حول عمليات تهريب والمنفذ لم يكشف عن نفسه

عد سلسلة من الأحداث الدامية في منطقة الشرق الأوسط انتقلت الأجواء السلبية إلى مناطق الجوار، وتحديداً لبنان، بحيث يتساءل اللبنانيون يومياً عن موعد اندلاع الحرب، ربما تكون بدايتها مطار رفيق الحريري الدولي.

وفي مشهد أشبه بالـ"هوليوودي" تعرضت شاشات المغادرة والوصول في المطار لقرصنة إلكترونية، وظهرت عليها رسائل إلى "حزب الله" اللبناني وأمينه العام حسن نصرالله تطالبهما بعدم إقحام لبنان في حرب، وتتهمهما بإدخال السلاح عبر المطار، مما أثار موجة من الهلع، وازدادت الاتهامات عبر مواقع التواصل، إذ اعتبر معظمهم أن ذلك كان خرقاً من قبل الإسرائيليين.

وحتى هذه اللحظة ينتظر اللبنانيون نتائج التحقيقات لتحديد كيف حصل الخرق ومصدره، وهو ما أكده وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية خلال مؤتمر صحافي من المطار، عندما قال إنه "لا يمكن التحديد حتى هذه الساعة ما إذا كان العدو الإسرائيلي هو المسؤول أم لا، وليس هناك أي دليل حول ما إذا كان الخرق في المطار قد حصل من الداخل أو الخارج".

هجوم سيبراني

في السياق يعتبر المتخصص في الأمن السيبراني والتحول الرقمي رولان أبي نجم أن "الذي حدث في مطار بيروت يعد فضيحة كبيرة"، مشيراً إلى أن "معيار المطارات العالمية والمهمة ترتكز على أعلى مستويات البرامج والأجهزة وتطوير العنصر البشري وغيرها، وهذه الجوانب الأساسية مفقودة بطبيعة الحال في لبنان".

ونوه أبي نجم إلى تناقضات عدة قائلاً "هناك كثير من الأمور المغلوطة، إذ أكد الوزير في اليوم الأول أن الهجوم يرتبط بخادم (Exchange) الخارجي المرتبط بالبريد الإلكتروني، ولكنه تراجع فيما بعد عن هذا البيان وأعلن عدم القدرة على تحديد المصدر الداخلي أو الخارجي لتجنب الوقوع في أخطاء، ثم أشار إلى عدم تطبيق استراتيجية الأمن السيبراني منذ عام 2018 بسبب عدم وجود إجراءات تطبيقية، وألقى المسؤولية على المعنيين بتطبيق هذه الإجراءات وكأنه ليس واحداً منهم. كما استعرض غياب شركات التدقيق وتدريب الموظفين وتطوير الأجهزة والبرامج، معتبراً أن هذا الوضع يضعنا في موقف غير محمي من خطر الاختراقات الكبيرة".

وأوضح أبي نجم أن هناك ثلاث فضائح بينتها الأزمة الأولى هي أنه عندما ظهرت رسالة تنتقد "حزب الله" على إحدى الشاشات وعلى جانبها شعار لمجموعة "جنود الرب" المسيحية، معتبراً أن "ذلك كان بهدف تشتيت الأنظار، إذ لا يمكن لأي شخص مرتكب جريمة أن يوقع على جريمته"، لافتاً إلى أن "الفضيحة الثانية تم الترويج لها على أنها اختراق للشاشات، ولكن تبين فيما بعد أن هناك أضراراً جانبية كبيرة في البرنامج المتعلق بمسح الأمتعة، حيث تعطلت كل هذه الأجهزة، وانتقلنا إلى التفتيش يدوياً".

رأى أبي نجم أن "الأمن الرقمي في لبنان يشكل قلقاً كبيراً، إذ تشير المعلومات إلى أن شبكة الإنترنت لم تحصل على الصيانة منذ خمس سنوات، مما يجعلها عرضة للاختراق، فهناك نقص في التطوير والتدريب على الأمن السيبراني، ووزارات مختلفة تواجه صعوبات في تأمين التمويل اللازم لتحسين الوضع"، مؤكداً أن "الوضع يستدعي التحقيقات لمعرفة تفاصيل أكثر عن الاختراقات وعدم وجود تدابير الأمان الكافية".

مطار بن غوريون

وأشار المتخصص الأمني إلى أن وزير الأشغال علي حمية ومدير عام المطار فادي الحسن استعانا بالقوى الأمنية والكلاب لتفتيش الحقائب، "وهذا يشكل خطراً كبيراً على أمن المطار"، لافتاً إلى أن "الفضيحة الكبرى هي ما توقعه وزير الأشغال في اليوم الأول، أي أن يكون الأمر ناتجاً من خروق في البريد الإلكتروني، مما يظهر خطورة هذه الوسيلة في نقل الفيروسات أو الروابط المقرصنة".

أما عن خبر اختراق موقع مطار بن غوريون في إسرائيل الذي انتشر عبر منصات مواقع التواصل، فأوضح أبي نجم أن "هذا الموضوع غير صحيح لأن الحقيقة هي أن دولاً عدة عربية قامت بحظر الدخول إليه، مما أدى إلى تعطيل الموقع من دون أن يتم اختراقه فعلياً"، معتبراً في الوقت نفسه أن هذا الأمر قام مناصرو "حزب الله" باستغلاله للترويج لفكرة "أنهم نجحوا في اختراق الموقع كرد فعل".

البنى التحتية

من ناحيته، اعتبر المتخصص في شؤون المعلومات والاتصالات عامر الطبش أن "البنية التحتية لمطار الحريري بدائية وقديمة، وهذا كان بارزاً خلال جائحة كورونا"، مؤكداً "أهمية أن يكون للمطار بنية تحتية للاتصالات متطورة وأجهزة كمبيوتر، بخاصة فيما يتعلق بتوفير الإنترنت المجاني كما هو الحال في معظم مطارات العالم، لكي يجعلها قابلة لاستقبال السياح والمستثمرين".

وأشار الطبش إلى تعدد الفرضيات المحيطة بالحادثة، "من تعطيل الشاشات وأجهزة المراقبة لغايات تمويهية ولتسهيل عمليات التهريب إلى سرقة المعدات في المطار للتعاون بواسطة وزارة الأشغال مع شركة أخرى جديدة متخصصة بقطاع الأمن السيبراني".

وعن تداعيات الحادثة، سواء حصل أي تأخير في حركة الطائرات إثر حادثة الخرق، أفاد مصدر رفيع في مطار بيروت بـ"وقوع تأخير طفيف بإقلاع الطائرات بسبب توقف النظام المخصص لنقل الأمتعة، ومع ذلك تمكن العاملون وفريق الأمن في المطار من إدارة إقلاع الطائرات في مواعيدها المحددة، وهذا يعد إنجازاً ملحوظاً يستحق الثناء".

لقراءة المقابلة على موقع انديبندينت عربية مع الإعلامية مدى المكداشي إضغط هنا

Roland Abi Najem

Roland Abi Najem

Founder & CEO at Revotips - Cybersecurity & Digital Transformation Consultancy - MBA Instructor at AUST - Public Speaker

American University College of Science and Technology

View profile
Revotips © 2024 All Rights Reserved.
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram