ها هي رومانيا، أي واحدة من أفقر دول الإتحاد الأوروبي، تُعلن عن انضمام "أول مستشار فخري" إلكتروني الى حكومتها. وستكون مهمّته نقل نبض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي الى الحكومة.
ويعتمد هذا "المستشار" على تقنية "الذّكاء الاصطناعي"، وهو عبارة عن سطح يشبه المرآة التي تظهر عليها النّصوص، ووجه رجل أو امرأة يتحدث (أو تتحدّث) بصوت هادئ.
دردشة
ومَهَمَّة "المستشار الإلكتروني" هذا الذي دُعِيَ "إيون"، تصفُّح شبكات التواصل الاجتماعي لإبلاغ الحكومة بمقترحات ورغبات الرومانيين في الوقت الفعلي. و"إيون" يعتمد "الذكاء الاصطناعي" لرصد الآراء في المجتمع، عبر استخدام البيانات المُتاحة للجمهور على الشبكات الاجتماعية.
ولن تتوقف مهمة "المستشار الإلكتروني" عند هذا الحدّ، بل سيكون قادراً على الدردشة مع المواطنين عبر موقعه الرسمي.
مناصب رسميّة
بمعزل عن رومانيا، وعن غيرها من الدول التي تتوسّع فيها استعمالات كلّ ما يتعلّق بالذّكاء الاصطناعي. وبغضّ النّظر عن المحاذير المرتبطة بالميادين التكنولوجيّة عموماً، وعن المخاطر الإنسانيّة التي تُحيط باستعمالات الذّكاء الاصطناعي، إلا أنه قد يكون مُفيداً لبعض المناصب الرسميّة، أو لتلك التي تحتاج الى عمل علمي مُنزَّه عن السياسة في دول معيّنة مثل لبنان، أي حيث لا يُمكن الاتّفاق على شيء (ولا حتى على الحلول المالية والاقتصادية العلميّة) لأسباب سياسية وحزبيّة.
فعلى سبيل المثال، قد لا تكون كارثة كبرى إذا أُسنِدَت بعض الحقائب الوزارية، أو المهام في بعض الوزارات، أو بعض المقاعد النيابية، أو حتى الرئاسية، لنوع من "مستشارين إلكترونيّين"، بما سيوفّر الكثير من الرواتب، ويحقّق إنتاجية مرتفعة وسريعة في عدد من الملفات والقضايا.
تتحطّم
فماذا عن إمكانية الاعتماد على هذا النوع من التكنولوجيا لإتمام إعادة هيكلة هذه المؤسّسة الرسمية، أو تلك، أو حتى القطاع العام عموماً، طالما أن لا نيّة "بشرية" بفعل ذلك؟
وماذا عن "التخريب البشري" لمثل هذا "المحصول الإلكتروني" في لبنان، حيث يُمكن لتكنولوجيا الغرب والشرق معاً أن تُغلَب، وأن تتحطّم على صخور الأحزاب والشخصيات والضرورات السياسية؟
الرأي العام
أوضح المستشار والخبير في التحوّل الرقمي وأمن المعلومات رولان أبي نجم أن "ما فعلته رومانيا ليس جديداً تماماً من الناحية النظرية، وهو يرتبط بقياس الرأي العام. ولكن قد يأخذ أبعاداً أكبر من حجمه الطبيعي من الناحية التسويقية، لا أكثر".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الانطلاق من قياس الرأي العام لتحديد السياسات أو السلوكيات الحكومية وغير الحكومية، هو أمر موجود في الخارج منذ زمن طويل. ومن آخر أبرز الأمثلة عليه، ما حصل خلال الانتخابات الرئاسيّة الأميركية في عام 2016. ففي تلك السنة، انحسرت المنافسة بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والمرشّحة الرئاسية هيلاري كلينتون، فتمّ قياس الرأي العام لاحتساب من هم الذي يؤيّدونه، ومن الذين يدعمونها، ومن هم أولئك الذين لم يكونوا قد اتّخذوا أي قرار بَعْد، وذلك تمهيداً للعمل عليهم واستهدافهم بحملات عبر وسائل الإعلام والتواصُل، بما يجعلهم يغيّرون رأيهم مثلاً، أو يحثّهم على الانتخاب".
في لبنان؟
ولفت أبي نجم الى أن "قياس الرأي العام مُعتَمَد أيضاً في ظروف سياسية عدّة، وفي فترات السّعي لتمرير قوانين، وهو يستمزج آراء الناس لتحديد من هم مع هذا القانون أو القرار مثلاً، أو من هم ضدّه، بما يساعد على اتّخاذ القرارات النهائية".
وأضاف:"في الدول التي تُشبه حالة لبنان، لا أحد ينتظر ما يريده الشعب أصلاً، ليعمل بموجبه. فحتى لو تظاهر الشعب كلّه احتجاجاً على أمر معيّن، فإن لا أحد سيسأل عنه".
وختم:"حتى ولو اعتُمِدَ الذّكاء الاصطناعي والوسائل التكنولوجيّة في لبنان لتحديد الوظائف العشوائية التي يتوجّب التخلّي عنها في المؤسّسات العامة مثلاً، كمّاً ونوعاً، فإن التوظيف السياسي قد لا يتوقّف في البلد. وبالتالي، المشكلة ليست بالحصول على أرقام وجداول وأجوبة واضحة، بل بمن يمكنه أن ينفّذ، وكيف. فلا سلطة للذّكاء الاصطناعي والتكنولوجيا على ممارسات "6 و6 مكرّر"، التي تتحكّم بالسياسات، والتوظيفات، والترقيات، وبمعظم ما هو موجود في لبنان".
لقراءة المقابلة كاملة على موقع أخبار اليوم إضغط هنا
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants