بدأت مواقع التواصل الاجتماعي بتكثيف عملها لمكافحة الأخبار المزيفة منذ عام 2016 وتحديداً بعد الانتخابات الأميركية وما رافقها من نشر لشائعات وأخبار كاذبة ومعظمها من حسابات وهمية. فمعركة مواقع التواصل الاجتماعي مع الأخبار الكاذبة مقسّمة إلى جزئين:
رصد وإغلاق الحسابات الوهمية
تحليل جميع الأخبار وتصنيفها وحذف المزيّف منها.
يعلم جميع المتابعين أنّ تويتر وفايسبوك، وعلى مدار السنوات الماضية، قاما بإزالة الملايين من الحسابات الوهمية مما جعل عدد كبير من المشاهير يخسرون العديد من متابعيهم الوهميين والذين تم شراؤهم سابقاً.
لكن رغم كل ما تقدّم، لم يكن يمكن لأحد أن يتوقّع أن يتم حجب أخبار رئيس أكبر دولة في العالم دونالد ترامب، ولا بالطبع أن يتم حجب حساباته على تويتر وفايسبوك وغيرها من منصات مواقع التواصل الاجتماعي. فعركة ترامب ومواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى أوجٌها بسبب تغريدات ترامب عن موضوع كورونا ووصل الأمر إلى حجب حساباته بعد أعمال الشغب التي حصلت في الكونغرس الأميركي حيث تم اتهام ترامب بأنه هو من حرّض على أعمال الشغب.
في البداية، يعمد تويتر إلى جمع بعض المعلومات من جميع الحسابات لتحليلها مثل: اسم الحساب، وعدد التغريدات، وعدد الحسابات المتابعة له، والحسابات التي يُتابعها، والصورة والوصف.
بعد جمع هذه المعلومات، يتم تحديد القائمة الأساسية لتحديد الحسابات الوهمية وهي:
كثرة إعادة تغريد منشورات الحسابات الأخرى: إذا كان أكثر من 90% من التغريدات على الحساب هي اعادة تغريد فقط فهذا دليل على أن هذا الحساب وهمي.
نسبة إعادة التغريد أكثر من نسبة الإعجاب: بطبيعة الحال أي تغريدة تحصل على عدد كبير من الاعجاب (Like) وعدد أقل من إعادة التغريد (Retweet)، فإذا كان العكس صحيح أي أن إعادة التغريد أكثر من الإعجاب فهذا دليل آخر على أن هذا الحساب وهمي.
التوقيت: يتم دائما النظر وتحليل أوقات التغريدات، مثلاُ من غير الطبيعي أن يكون أي حساب شخصي شغالاً على مدار الساعة. فالمستخدم الحقيقي يقوم بالتغريد في ترتيب زمني منتظم، ولكن من ناحية أخرى ستجد أن الحساب الوهمي يتخذ نهجاً غير منظّم للنشر.
بالنسبة للأخبار المزيفة، توجد عدة معايير لتحديدها منها أنّ لدى مواقع التواصل الاجتماعي عدّة مصادر موثوقة للمعلومات، على سبيل المثال لا الحصر جامعة جون هوبكنز الأميركية وغيرها، فعندما يتم نشر معلومات تتعارض مع هذه المعلومات الموثوقة والمحفوظة في قاعدة بيانات مواقع التواصل الاجتماعي، عندها يتم حذفها أو إخفائها كونها تتضمن أخباراً مزيفة.
لكن الأهم، فإنّ الذكاء الاصطناعي المسؤول عن كشف هذه المواضيع، هو عبارة عن عدة برامج، بعضها تم شراؤها من قبل فايسبوك وتويتر، والبعض الآخر تمّت برمجته داخل فايسبوك وتويتر. أهمية هذه البرامج أنّها تطوّر نفسها بنفسها مع الوقت (مثل ذكاء الانسان)، حيث لديها القدرة على تحليل البيانات الكبيرة (الكميات الهائلة من الحسابات والتغريدات) وتحليل النمط التي يستخدمه الانسان خلال عمله على مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية تفاعله مع الاخبار والوقائع وتقوم بمقارنته مع الحسابات المزيفة والأخبار الوهمية. لذلك من الطبيعي أن تقع هذه البرامج في أخطاء معينة، أي اعتبار خبر صحيح كمزيّف، أو حساب صحيح كوهمي.
طورت شركة تويتر في الفترة الماضية ميزة جديدة تحمل اسم “Birdwatch” في مبادرة جديدة لمحاربة انتشار الأخبار الزائفة والمضللة على منصتها. هذه الميزة تتيح للمستخدمين تحذير بعضهم البعض أثناء تصفحهم تغريدات مضللة قد تؤدّي إلى نشر أخبار كاذبة. وأشار الشركة إلى أن الخاصيّة الجديدة التي ستعمل بشكل منفصل عن تويتر، ستمنح المغرّدين إمكانية التبليغ عن أي أخبار قد يعتقدون أنّها مجافية للحقيقة وتحتوي على شائعات وأكاذيب.
وذكر نائب رئيس شركة تويتر كيث كولمان أنّ الخاصيّة الجديدة تسعى إلى توسيع وزيادة نطاق محاربة التضليل والشائعات، مشيرا إلى “مراقبة الطيور” تعد سابقة في مشاركة المغردين لمجابهة الأخبار الزائفة. وتتيح هذه الميزة للمستخدم إضافة أي تغريدة إلى إطار معيّن لمتابعتها من قبل تويتر، كما تتيح إضافة ملاحظات للتغريدات التي يكون هناك شك بأنها تحتوي على معلومات مضلّلة لكي يتم التأكد منها، كما يمكنك جعل الملاحظات عامة أو خاصة.
كذلك يمكن للمشرفين التصويت على التغريدات التي يتم إضافتها للخاصية وذلك للإقرار إن كانت مضللة أم لا. فإذا، كل ما تقدمنا به يؤكد أن التويتر، وبالإضافة إلى برامج الذكاء الاصطناعي، فإنه يستعين بالمستخدمين لتطوير هذا البرامج وتحسين خدمة مكافحة الاخبار المزيفة. وأوضح الموقع أنه يبحث عن أشخاص لاختبار الخاصية الجديدة في أميركا، بغية تحقيق أفضل الأهداف المرجوة منها.
في الخلاصة، نرى أن كمية المعلومات المتواجدة على مواقع التواصل الاجتماعي كبيرة جدا، ونسبة الاخبار المزيفة منها كبيرة أيضا لذلك يجب على الجميع التأكد من المعلومات قبل نشرها. لكن يبقى السؤال الأساسي، هل تحولت مواقع التواصل الاجتماعي من منصات للتعبير عن الرأي والرأي الآخر ضمن حرية التعبير إلى منصات تهدف إلى التعتيم عن آراء محددة والاضاءة على التوجهات السياسية التي تناسبهم تحت حجة محاربة الاخبار الكاذبة؟
هذا السؤال أصبح مشروعا بعد فضيحة Cambridge Analytica حيث تبيّن أن الشركة تستخدم بيانات المستخدمين على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي (بالتنسيق مع هذه المواقع) لتحلل شخصياتهم وبياناتهم وتستهدفهم بإعلانات معينة لأسباب سياسية كما ظهر في حملة ترامب الانتخابية عندما فاز بالانتخابات وكما حصل أيضا في التصويت على البريكست (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي).
Cyber Security & Digital Transformation - Consultant & Expert
CEO – Revotips Expert Tech Consultants